أكد الأستاذ فارس مسدور أستاذ بجامعة البليدة وخبير دولي في الاقتصاد ومنظر صندوق الزكاة في الجزائر في تصريح لـ"الشروق" أنه قدم مشروعا جديدا للبرلمان يتكون من 78 مادة تتعلق بجمع وتوزيع واستثمار أموال الزكاة، ويهدف إلى إصدار قانون يجبر الجزائريين الذين بلغ مالهم النصاب"51 مليون سنتيم" على دفع الزكاة، تحت شعا ر{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ...} ، وهي الآية القرآنية التي تلزم الحاكم "رئيس الجمهورية" على إجبار المواطنين على دفع الزكاة على من تجب عليه، بهدف تطهير وتزكية الأموال.
ويأتي هذا المشروع بعد رفض البرلمان تقنين الضريبة على الثروة، ما يتطلب حسب المتحدث وضع آلية شرعية وعادلة لتوزيع الثروة على الجزائريين بما يتوافق مع ما فرضه الإسلام من قوانين ربانية للتكافل بين الأغنياء والفقراء.
وأكد مسدور أن دراسة حديثة درست حالة عشرة رجال أعمال معروفين في الجزائر كنماذج، بينهم مستثمر قدرت زكاته بـ125 مليون دولار، ما يعادل أزيد من 100 مليار سنتيم للسنة، ورجل أعمال آخر قدرت زكاته بـ25 مليار سنتيم، كما قدرت زكاة ميلياردير آخر بـ16 مليارا.
وكشف مصدرنا أن المشروع البرلماني يهدف إلى جمع 30 ألف مليار من زكاة الجزائريين سنويا، وهذا ما سيساهم في القضاء على مظاهر الفقر نهائيا خلال ثلاثة سنوات كأقصى تقدير، عن طريق خلق مشاريع استثمارية لتشغيل الشباب ومساعدة العائلات الفقيرة على الدخول في عالم الإنتاج، بما سيرفع عدد المزكين وتراجع عدد الفقراء.
وحسب مسدور فإن المشروع يهدف أيضا إلى القضاء على ظاهرة تبييض الأموال، عن طريق إلزام جميع الجزائريين بالتصريح بأموالهم وممتلكاتهم، ما سيجعل عملية تحديد مقدار الزكاة لكل مواطن عملية سهلة تتعلق بما يتم التصريح به، مؤكدا أن الهيئة التي ستتولى جمع وتنظيم وتوزيع واستثمار أموال الزكاة هي الديوان الوطني للزكاة، الذي سيشرع في مباشرة مهامه بعد مصادقة البرلمان على المشروع الجديد، وكشف محدثنا أن الوزارة جمعت العام الماضي 90 مليار سنتيم من أموال الزكاة، وهو ما يعادل 1 بالمائة من القيمة الحقيقية لزكاة الجزائريين المقدرة بـ30 ألف مليار.
وهو ما يجعل 90 بالمائة من قيمة الزكاة في الجزائر غير مستغلة وتوزع بطريقة شعبوية على الفقراء يوم عاشوراء، وهو الأمر المنافي حسب المتحدث لتعاليم الإسلام الذي لم يضع يوما محددا للزكاة التي يجب أن تُوزع طيلة أيام السنة بما يتوافق مع حوْل كل مزك.
كشف محدثنا أن القيمة الموجهة لـ"القروض الحسنة" تجاوزت العام الماضي 10 ملايير سنتيم، وهو ما مكّن آلاف الشباب من الاستفادة من قروض تتراوح بين 30 و50 مليون سنتيم لتوظيفها في مشاريع مصغرة، وانتقد مسدور عدم وجود جهاز إداري لمتابعة مشاريع القروض الحسنة ومرافقة الشباب المستفيد من هذا الإجراء، وهو ما تسبب في ضياع الملايير من أموال الزكاة، بسبب امتناع 70 بالمائة من المستفيدين من "القروض الحسنة" عن تسديد القروض، وهو ما اعتبره بمثابة "سرقة لأموال الزكاة"، مثل ما حدث لآلاف الشباب المستفيد من قروض تشغيل الشباب والذي اعتبر هذه القروض بمثابة "الغنيمة" و"حقه في البترول".
ولمعالجة هذا المشكل الذي تسبّب في نزيف في أموال الزكاة، اقترح المتحدث ضرورة استحداث جهاز مستقل لتنظيم ومرافقة ومحاسبة المستفيدين من "القروض الحسنة"، التي طالب أن تنتقل من 50 مليونا إلى 100 مليون، بهدف تمكين الشباب من إنشاء مشاريع فعلية وليست رمزية، خاصة فيما يتعلق بشراء آلات لصناعة مختلف المواد البلاستيكية والحديدية التي يستعملها المواطن في حياته اليومية على غرار "المسامير، الدبابيز، الأكياس البلاستيكية، الأكواب الورقية...".